قصص للأطفال: حكاية المزارع والمظلّة – قصة عن الإيمان والأمل وقت الشدّة
كان يا ما كان، في قرية صغيرة هادئة تقع بين الجبال وتحيط بها الغابات الكثيفة، عاش مزارع بسيط مع عائلته. كانت تلك القرية مثالًا للبساطة والسكينة، حيث يسودها الهدوء ويعيش أهلها على ما تجود به الأرض من خير.
كان المزارع يعمل بجدٍّ كل يوم في حقوله، يزرع الحبوب والخضروات ليؤمّن قوت عائلته، مؤمنًا بأن العمل والاجتهاد طريق البركة.
في أحد فصول الصيف القاسية، اشتدّ الحرّ ولم تهطل قطرة مطر واحدة لعدة أشهر. بدأ الجفاف يضرب الأرض، وذبلت المحاصيل، وساد الحزن أرجاء القرية. كانت الأرض تتشقّق من شدّة العطش، وبدأ الأمل يتلاشى من قلوب الناس.
الأطفال يلعبون بصمت، والكبار يتحدثون بهمس، في مشهد يعكس عمق الأزمة التي يعيشونها.
كان المزارع ينهض كل صباح ويتفقد حقوله بعينين ممتلئتين بالحزن. حاولت زوجته أن تواسيه قائلة:
"لا تفقد الأمل، فالله رحيم، وسيرسل لنا المطر في الوقت المناسب."
لكن شعور العجز أمام قسوة الطبيعة كان يثقل قلبه.
في كل مساء، كانت العائلة تجتمع لتناول العشاء في صمت. الطعام قليل، والأم تحاول توزيعه بعدل بين أفراد الأسرة، بينما يخيّم القلق على الجميع.
قصة عن الإيمان الصادق
في أحد الأيام، قرر أهل القرية أن يجتمع كل واحد منهم في منزله للصلاة في وقتٍ واحد، داعين الله أن يفرّج كربهم.
في وقت الفجر، جلس المزارع وزوجته وابنتهما الصغيرة، ذات الست سنوات، يصلّون بخشوع.
قال المزارع في دعائه:
"يا رب، محاصيلنا تموت، وأطفالنا جائعون، أرسل لنا المطر لنعيش."
أما الطفلة الصغيرة فصلّت بطريقتها البريئة قائلة:
"يا رب، أبي حزين، وأنت قادر على كل شيء، اجعل السماء تمطر على قريتنا."
بعد الصلاة، ساد الصمت والتأمل. كانت الفتاة تنظر إلى والدها بعينين مليئتين بالأمل، بينما تحاول الأم إخفاء دموعها.
في المساء، نهض المزارع متجهًا إلى حقله، فسألته ابنته:
"إلى أين تذهب يا أبي؟"
قال: "إلى المزرعة."
ركضت الطفلة وعادت تحمل مظلّة.
سألها متعجبًا: "لماذا المظلّة؟"
فأجابت بثقة:
"لقد قمنا بالصلاة لهطول الامطار ، وإذا نزل المطر سوف أبتل بدونها."
تجمّد المزارع في مكانه. نظر إلى السماء الصافية، ثم إلى وجه ابنته البريء، وشعر برسالة عميقة في قلبه:
الدعاء وحده لا يكفي، بل يجب أن نؤمن أن الدعاء سيُستجاب ونتصرّف على هذا الأساس.
احتضن ابنته، وقبّل جبينها، وذهب إلى الحقل حاملًا المظلّة.
قصة قصيرة ذات مغزى
في تلك الليلة، هطل المطر كما لم يهطل من قبل.
وفي الصباح، استيقظ المزارع على صوت الماء يتدفق في الشوارع. خرج ونظر من النافذة، فرأى القرية مغطّاة بالماء، والناس يركضون فرحًا، يضحكون ويرقصون تحت المطر.
اتجه المزارع إلى حقوله، فرأى النباتات تستعيد لونها الأخضر، والطيور تعود، والأزهار تتفتح من جديد. شعر بامتنان عميق، وعاد الأمل إلى قلبه وقلب القرية كلها.
أصبحت هذه القصة التحفيزية جزءًا من تاريخ القرية، تُروى للأجيال كدليل على قوة الإيمان وأهمية الأمل. وتعلّم الأطفال أن الإيمان الصادق لا يكون بالكلمات فقط، بل بالفعل والثقة.
الدروس المستفادة من القصة
تعلمنا هذه القصة العربية الهادفة أن الإيمان هو أساس النجاح في الحياة. عندما نمر بأوقات صعبة، قد نشعر باليأس، لكن الإيمان يمنحنا القوة للاستمرار.
كما أن قصص الأطفال الهادفة مثل هذه تزرع في النفوس أن الثقة بالله، وبأنفسنا، وبأحلامنا، هي المفتاح لتجاوز التحديات.
الإيمان ليس فكرة فقط، بل قوة دافعة تغيّر حياتنا، وتجعلنا نتحرك بثقة نحو مستقبل أفضل.
