أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

كل ما يحدث يحدث للخير: حكاية الملك والوزير وحكمة الزمن

 كل ما يحدث يحدث للخير: حكاية الملك والوزير وحكمة الزمن


كان يا ما كان في قرية صغيرة، ملك يحكم أهلها، وكان لهذا الملك وزيرٌ عُرف بالحكمة والعقل الراجح. كان الوزير يردد دائمًا عبارة واحدة مهما تغيرت الظروف:

«كل ما يحدث، يحدث للخير».

حكاية الملك والوزير وحكمة الزمن


 كل ما يحدث يحدث للخير: حكاية الملك والوزير وحكمة الزمن


في أحد الأيام، كان الوزير يقوم بتنظيف سيف الملك، بينما كان الملك جالسًا بجانبه. فجأة، سقط السيف على قدم الملك فقطع أحد أصابع قدمه. شعر الملك بألم شديد، وبينما هو يتأوه، قال الوزير بهدوء:

«مهما حدث، فهو يحدث للخير».


غضب الملك غضبًا شديدًا عندما سمع هذه الكلمات، وبدأ يصرخ:

«لقد قُطع إصبعي، وأنت تقول إن هذا حدث للخير؟! أين الخير في ذلك؟»

وأمر فورًا بحبس الوزير في السجن.


لم يحزن الوزير على ما حدث، وأثناء اقتياده إلى السجن قال مرة أخرى بهدوء وثقة:

«مهما حدث، فهو يحدث للخير».


تعجب الملك من كلماته، وفكر في نفسه: ما أغرب هذا الرجل، يُسجن ومع ذلك ما زال يؤمن أن كل ما يحدث هو للخير.


مرت شهران على هذه الحادثة، وفي أحد الأيام خرج الملك مع جنوده على ظهور الخيل للصيد. دخلوا جميعًا غابة كثيفة، وبينما كان الملك يطارد غزالًا، تعمق أكثر فأكثر داخل الغابة حتى انفصل عن جنوده. لم يتمكن من الإمساك بالغزال، وضاع طريقه وتاه وسط الأشجار الكثيفة.


بدأ الملك يبحث عن مخرج، وفجأة وجد نفسه محاطًا بمجموعة من القبائل التي تعيش في تلك الغابة. لم تكن هذه القبائل من مملكته، ولم يتعرفوا عليه كملك، فأمسكوا به وأخذوه إلى قبيلتهم.


كانت تلك القبائل تبحث عن إنسان لتقديمه قربانًا والتضحية به لإرضاء آلهتهم. حاول الملك التوسل إليهم ليطلقوا سراحه، لكنهم لم يفهموا لغته. بدأوا يقرعون الطبول في سعادة، واغتسلوا الملك، وألبسوه ملابس جديدة، ووضعوا حول رقبته مسبحة من الزهور، وجعلوه جاهزًا للتضحية.


وعندما كانوا على وشك قتله، لاحظ زعيم القبيلة أن أحد أصابع قدم الملك مقطوع. عندها أمر فورًا بإيقاف الطبول وقال:

«لا يمكن التضحية بهذا الرجل، فهو غير مكتمل. وإذا ضُحي بإنسان غير مكتمل، فإن الإله يغضب بدلًا من أن يرضى».


وبناءً على ذلك، قرروا ترك الملك، فعاد إلى قصره سعيدًا ممتنًا للحياة.


بعد عودته، بدأ الملك يتساءل:

«لو لم يُقطع إصبع واحد من قدمي، لقتلني هؤلاء. إذًا، كان الوزير محقًا… كل ما حدث، حدث للخير».


أمر الملك بإخراج الوزير من السجن، وأعاد له منصبه، وأخبره بما جرى معه، وقال:

«لقد قُطع إصبعي في ذلك اليوم وكان ذلك لمصلحتي، وقد فهمت هذا الآن. لكنك سُجنت شهرين وعانيت كثيرًا بسبب ما حدث لك».


ابتسم الوزير وقال:

«يا مولاي، كنت وزيرك وكنت دائمًا معك. لولا أنني كنت في السجن، لكنت معك في ذلك اليوم. لقد تركوك بعد أن رأوا إصبعك المقطوع، أما أنا فجسدي مكتمل، ولو كنت معك لكانوا قد ضحوا بي بالتأكيد. لذلك كان من الخير أنني لم أكن معك، وكان سجني سببًا في إنقاذ حياتي وحياتك معًا».


ثم قال:

«ولهذا السبب أقول دائمًا: كل ما يحدث، يحدث للخير».


كما ترى في الحياة، وفي حياتك أنت، سنجد أوقاتًا نشعر فيها أن شيئًا سيئًا قد حدث لنا، أو أن ما جرى لم يكن يجب أن يحدث. ولكن بعد مرور الوقت، وعندما ننظر إلى الوراء، ندرك أن كل ما حدث في تلك اللحظة كان للخير.


نحاول أن نحكم على الأحداث بذكائنا، لكن في الحقيقة ذكاؤنا محدود، ولا يمكننا أن نحكم على عدالة أو ظلم ما يحدث لنا بعقولنا المحدودة. لذلك، إذا كنت تمر بمرحلة حزينة، فتذكر أن الأشياء السيئة لا تدوم، وأن الحياة تقودك دائمًا نحو التقدم من خلال ما تمنحك إياه من ثمار.


هذا الخلق لم يصنعه عدونا، ولهذا لا يمكن أن يكون في هذا العالم خطأ بلا معنى. لماذا تهتم بالأشياء السيئة؟ إن كان عليك أن تهتم، فاعتنِ بأفعالك، واعتنِ بأفكارك، واستمر في عيش الحياة بسعادة. الربح، الخسارة، والحظ ليست سوى أجزاء صغيرة من الحياة.


كما أنك لا تستطيع فهم كتاب كامل من خلال قراءة سطر واحد، فكيف تقرر إن كانت الحياة جيدة أو سيئة بناءً على حادثة واحدة خارجة عن سيطرتك؟


أزل من عقلك فكرة أن شيئًا سيئًا يمكن أن يحدث لك دون معنى، وتذكر دائمًا أن كل ما يحدث، يحدث للخير. أحيانًا نخطئ في قراءة آيات الله لنا ونفهمها بطريقة خاطئة، لكن لا تيأس.


ربما تفكر في حياتك الآن، وفي العلامات التي وضعها الله فيها، وتدرك أنك أخطأت في قراءتها سابقًا. في لحظات الظلام، عندما تُغلق الأبواب وتنطفئ الأنوار، تذكر أن هذه ليست النهاية، بل بداية فصل جديد.


الألم الذي تشعر به اليوم هو القوة التي ستدفعك غدًا. لا تسأل: لماذا أنا؟ بل اسأل: ماذا يمكنني أن أتعلم؟

الحياة ليست معركة تُخاض ضدك، بل مدرسة تعلمك. كل تحدٍّ فرصة مقنعة، وكل عقبة محطة تزود.


العظماء لم يولدوا عظماء، بل صنعتهم المحن. إذا كنت تواجه عاصفة اليوم، فأنت تتدرب لتكون منقذًا غدًا. الحياة لا تمنحك ما تريد، بل ما تحتاج. ما تراه كارثة الآن، قد تراه نعمة بعد حين.


لا تدع لحظة ضعف تحدد مصيرك، ولا تسمح للشك أن يسرق أحلامك. انظر إلى ندبات الماضي، فهي ليست علامات فشل، بل شهادات صمود. ثق بخطة الكون، لكن لا تجلس منتظرًا.


اصنع من العقبات درجات، ومن الجراح أجنحة. في نهاية كل ليل فجر جديد، وفي نهاية كل ألم قوة جديدة.

مهما حدث، فهو للخير، ليس لأن الألم جميل، بل لأنك ستخرج منه أقوى وأكثر حكمة.


أنت لست ضحية الظروف، بل مهندس مستقبلك. فلتكن إرادتك أقوى من مخاوفك، وإيمانك أكبر من شكوكك. واصل المسيرة، واصنع من محنتك منحة، فالعالم ينتظر نورك.


أمل أن تسلط هذه القصة الضوء على المسار الأكثر سعادة ونجاحًا الذي يمكنك اتباعه في حياتك.

Mohamad
Mohamad
تعليقات