تسأؤلات الأطفال ترشدنا لما خفي عنا
في كثير من الأحيان تكون دروس الحياة مرسلة من قبل الأطفال، و نحن كـراشدين علينا أن نكون على أتم الاستعداد لأي سؤال من قبل أطفالنا مهما بلغت بساطته و نجيب عليه بقصة بسيطة توضح ما نود أن نشرح لهم لكي تتعزز الثقة بيننا و بين بينهم جيداً ..
تسأؤلات الأطفال ترشدنا لما خفي عنا
في يومٍ من الأيام، جاء طفلٌ إلى أبيه سائلاً عن شيء سمعه من عابر سبيل و لم يفهمه أبداً،
فقال الطفل لأبيه : أبي أريد أن أسألك سؤالاً، كيف يمكن لشيء عظيم أن يكون سببه شيء بسيط؟
و قد بدى عليه الفضول ليفهم ماهيةَ العبارة..
استوقف أباه ذلك السؤال ، و قال للطفل لم أفهم عليك هل لك أن توضح لي مِمن سمعت هذهِ العبارة؟ و هو يفكر بينه و بين نفسه، أن سؤالاً كهذا من طفلٍ صغير عليه أن يكون قد سمعه من شخصٍ يافع على أقل تقدير و قاصد به أمراً عليه كأبٍ أن يجيب عليه بدقّة عالية..
فأجاب الطفل والدهُ : كنت مع أصدقائي في طريقنا إلى الملعب و كان هناك عجوزٌ يكلّم ابنه بشيء ما، لم أستطع فهمه في البداية ، و قد بان عمر ابنه قرابة عمرك يا أبي.. لكن ما إن وصلنا بطريقنا لجوارهِ سمعت العجوز يكلم ابنه و يقول "يا بني كل شيء عظيم يكمن في شي بسيط" ثم بعد ذلك أكمل العجوز طريقه دون أن أفهم ماذا قصد .. فلم أستطع أن أتناسى ما سمعت و وجدت نفسي اقترب منه و أوقفه بأدب، ثم طلبت منه أن يشرح لي ما قصده بكلامه، لكن العجوز ابتسم و ربّت على كتفي و قال لي يبدو عليك العجلة يا صغيري، عندما تكبر ستفهم ماذا قصدت بكلامي.. و بعدها رحل و لم أفهم أي شيء ، أرجوك يا أبي اشرح لي..
فابتسم الأب ابتسامة خفية معبّرة عن استغرابه من شدة فضول ولده الصغير
ثم عاد لحلّته الطبيعية و نظر لطفله و قال: أنظر يا بني إن دروس الحياة كثيرة و عليك تجاوزها على حسب سنّك، لكن من أجل أن أطفئ نار فضولك سأشرح لك الآن عما سألت، لكن يجب أن تعدني بأن تكون هذه المرة هي المرة الأخيرة التي تسأل بها عن شيء قد يبدو ثقيلاً على عمرك
أجاب طفله بحب: أعدك يا أبي.
أكمل أباه و بدأ يشرح له ، يا بني عندما ترى القاضي يخاطب طرفين يبدو عليهم كأنهم أعداء لبعضهم، لا يقوم بالصراخ و حتى لا يتحرك من مكانه هل هذا صحيح؟
قال الطفل :نعم يا أبي لكن ما السبب!
أكمل الأب : يتعمد القاضي المحافظة على مكانه و وزنه و يحكم بالعدل بكل هدوء، لكن إن أمعنت النظر في شخصية القاضي داخلياً ستجد هناك شيئاً مخفياً داخل هذا الهدوء، هل بإمكانك أن تجده أو توصفه لي؟
صمت الطفل قليلاً و هو يفكّر، ماذا يحاول أباه أن يشرح له، بعد صمت ساد قرابة الخمس دقائق و الأب لم يحرك ساكناً يريد أن يثبت لابنه أمراً مهما هو يجهله..
قال الطفل بعد صمته بحزن : أبي لم استطع التوصل لشيء ما، هل يمكنك أن تشرح لي أكثر ؟
ابتسم الأب مشيراً إلى كلامه في أول الحوار و قال : قبل أن أجيبك عليك أن تعلم أن ليس كل ما يدور حولك قد يعنيك أو يمسسك و ليس عليك فهم كل شيء في نفس السن ، و ذلك لأن الحياة فيما بعد ستكون مجهزة بدروسها تنتظرك على حسب سنّك يا صغيري
أما بالنسبة لحديثنا على فحوى العبارة، فإنك لو أمعنت النظر داخل القاضي فستجد أن هناك قوّة تختبئ خلف هذا الهدوء يا بني الهدوء الذي يظهره أمام الطرفين اللذين يُظهِران للناس أنهم أقوياء و بداخلهم الهشاشة و الضعف تقريباً ..
و هنا الشيء الثقيل يعنى القوة و الشيء البسيط و هو الظاهر للناس يعنى البسيط
أي أن هناك شيء عظيم يحمله كل شيء بسيط
و القوة تكمن في الهدوء
هل فهمت ما أعني يا صغيري؟
الطفل : أعتقد ذلك يا أبي سأحاول التمعن بكلامك أكثر….أعدك
و من هنا نتعلم أن ظاهر الشيء لا يُعكَس بشكلٍ دقيق على داخلهِ و هذا لا ينطبق فقط على البشر، فمثلاً كما يظهر القاضي الهدوء و يكمن بداخله الصلابة و القوة ففي المقابل هناك عشبه رقيقة تحمل بداخلها فوائد قد لا تكون موجودةً في شجرة عملاقة و معمّرة.. أي الشيء العظيم يكمن في الغالب بشيء بسيط للغاية...
لمتابعة المزيد من القصص ذات العبرة زورو موقع أسراوي
إلى اللقاء