أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

حكمة في صمت: كيف حوّل طفل السخرية إلى انتصار ذكي قصص الأطفال

 حكمة في صمت: كيف حوّل طفل السخرية إلى انتصار ذكي قصص الأطفال


انتصار ذكي قصص الأطفال



قصص حكمة للأطفال في أحد الأيام، كان هناك وزير حكيم يعمل في بلاط ملك عظيم. اشتهر هذا الوزير بذكائه الحاد وبصيرته الثاقبة، حتى أصبح الملك لا يتخذ قرارًا مهمًا دون الرجوع إليه. هذه المكانة الرفيعة أكسبته احترام الكثيرين، لكنها في الوقت نفسه أثارت الغيرة والحقد في نفوس آخرين داخل البلاط، ممن كانوا يترقبون أي فرصة للنيل منه أو تشويه صورته.


وذات مرة، وأثناء حديث دار بين الملك والوزير أمام الحاشية، حدّق الملك في الوزير بنظرة حادة وقال بنبرة غامضة:

أنت رجل حكيم، لكن ابنك يبدو بلا فطنة.


تجمد الوزير في مكانه للحظة، شعر بالإهانة، لكنه تمالك نفسه وأخفى مشاعره. سأل الملك بهدوء وحزم:

ولماذا تقول ذلك يا مولاي؟


ابتسم الملك ابتسامة ماكرة وقال بصوت مرتفع ليسمع الجميع:

كل صباح أرى ابنك في السوق، وأسأله سؤالًا بسيطًا: أيهما أثمن، قطعة من الذهب أم قطعة من الفضة؟ وفي كل مرة يختار الفضة.


تعالت ضحكات الحاضرين، وبدأت الهمسات الساخرة تنتشر في القاعة. شعر الوزير بحرارة الموقف، لكنه ظل متماسكًا، انحنى احترامًا، ثم غادر البلاط وعاد إلى منزله عازمًا على معرفة الحقيقة.


في البيت، وجد الوزير ابنه جالسًا يرسم خطوطًا عشوائية على الأرض. اقترب منه بخطوات هادئة، رغم الغضب الذي كان يغلي في داخله، وجلس أمامه ونظر إليه بجدية لم يعتدها الابن. قال له بنبرة صارمة:

يا بني، لماذا تختار الفضة دائمًا عندما يعرض عليك الملك الذهب؟


لم يجب الابن مباشرة، بل أشار لوالده أن يتبعه. قاده إلى غرفته، ثم انحنى وسحب صندوقًا خشبيًا صغيرًا من زاوية الغرفة. فتحه ببطء، فإذا به مليء بالعملات الفضية حتى كاد بعضها ينسكب خارجه.


ابتسم الابن وقال:

هذه العملات هي ما أحصل عليه يوميًا من الملك. لو أخذت قطعة الذهب مرة واحدة، لانتهت اللعبة فورًا، ولتوقف عن سؤالي، ولتوقفت أنا عن جمع الفضة. قطعة ذهب واحدة لا تساوي شيئًا أمام هذا الصندوق الممتلئ.


حدّق الوزير في الصندوق طويلًا، ولم تكن دهشته من المال، بل من عقلية ابنه. أدرك أن أمامه طفلًا يفكر بحكمة تفوق عمره. ابتسم بفخر وقال:

لقد حوّلت السخرية إلى فرصة. حكمتك خفية، ولا يفهمها الجميع بسهولة.


في تلك الليلة، جلس الوزير متأملًا ما حدث. أعاد في ذهنه موقف الملك وضحكات الحاضرين، لكنه شعر لأول مرة أن ابنه تجاوز كثيرًا من رجال البلاط في الذكاء، لأنه لم يتعلم فقط كيف يجمع المال، بل كيف يحمي نفسه ويتجنب الأذى.


في اليوم التالي، عاد الوزير إلى البلاط، وجلس في مجلس الملك وارتسمت على وجهه ابتسامة واثقة لم تكن موجودة من قبل. لاحظ الحاضرون هذه الثقة الجديدة، خاصة عندما التفت الملك إليه وقال ساخرًا:

هل وجدت تفسيرًا لغباء ابنك أيها الوزير؟


ضحك بعض الحاضرين، متوقعين تردد الوزير، لكنه نظر إلى الملك بثبات وقال:

يا مولاي، هناك حماقة تثير الضحك، وحماقة تثير العجب… أما ابني فقد أتقن الثانية.


ساد الصمت في القاعة، وتوجهت الأنظار إلى الملك. لم يضحك هذه المرة، بل ظل صامتًا للحظات وكأنه يعيد التفكير. لم ينطق بكلمة، لكنه نظر إلى الوزير نظرة تحمل تقديرًا خفيًا.


أدرك الوزير أن هذا الصمت كان انتصارًا غير معلن. فمن كان يضحك بالأمس، بدأ اليوم يفكر.


ومنذ ذلك اليوم، تغير تعامل البلاط مع الوزير وابنه. وكلما حاول أحد السخرية من الطفل، تذكر كلمات الوزير عن الحماقة التي تثير العجب، فتراجع في صمت. فقد أدركوا أن من يجمع العملات الفضية يومًا بعد يوم قد تفوق على الجميع في لعبتهم الخاصة.


لم ينسَ الوزير هذا الدرس، وعلّم ابنه لاحقًا أن الحياة ليست دائمًا صوابًا وخطأ، بل أحيانًا لعبة أدوار تتطلب صبرًا ودهاء. ليست كل معركة تستحق القتال، وليست كل فرصة تُغتنم فورًا. فبعض المكاسب الحقيقية تأتي بالهدوء، لا بالاندفاع.


واكتفى الوزير بالابتسام، لأنه كان يعلم الحقيقة كاملة: الحكمة لا تحتاج إلى ضجيج لتنتصر، بل تستطيع أن تتفوق على أعظم العقول في صمت.


وكما في الحياة، فإن من يعملون في هدوء ويسيرون نحو أهدافهم بصبر هم من يحققون النجاح الحقيقي. فالنجاح ليس تصفيقًا ولا ضوضاء، بل نتائج تتحدث عن نفسها. أما من ينشغلون بالمظاهر، فهم غالبًا أكثر انشغالًا بإقناع الآخرين من تحقيق أهدافهم.


الحكمة الحقيقية لا تظهر في الكلام الكثير، بل في الأفعال الصامتة. فكما لا يصرخ المزارع ليخبر الناس أنه زرع بذرة، بل ينتظر حتى يحين الحصاد، كذلك النجاح لا يحتاج إلى إعلان، لأن ثماره كفيلة بالكشف عنه.


اعمل في صمت، ودع إنجازاتك تتكلم عنك، فالصمت الحكيم هو المقدمة الحقيقية لكل انتصار عظيم.

Mohamad
Mohamad
تعليقات