قصة الشاب الذي اكتشف أن القوة هي السر قصص أطفال قبل النوم
كان يا ما كان، في قرية صغيرة هادئة، عاش شاب شغوف بالحياة، ممتلئًا بالأحلام والطموحات. ورغم ذلك، كان يشعر في داخله أن شيئًا ما ينقصه. كلما ظن أنه اقترب من السعادة، شعر بأنها تبتعد عنه أكثر. بدت له الحياة كطريق طويل لا نهاية واضحة له.
في أحد الأيام، سمع عن عجوز حكيم يعيش في قمة جبل بعيد. كان يُقال إن لديه إجابات لأسئلة عميقة وأسرارًا قادرة على تغيير مجرى الحياة. قرر الشاب أن يخوض الرحلة، وأن يصعد الجبل على أمل أن يجد ما يبحث عنه.
وعندما التقى بالعجوز، قال له:
يا معلمي، أمضيت سنوات أبحث عن السعادة، لكنني لا أجدها. ما الخطأ الذي أفعله؟
أجابه الحكيم بهدوء:
البحث عن السعادة هو الخطأ.
تفاجأ الشاب وقال:
كيف ذلك؟ أليست السعادة أهم شيء في الحياة؟
قال العجوز:
بلى، لكنها لا تُنال بالسعي وراءها. مطاردة السعادة تشبه مطاردة الأفق، كلما اقتربت منها ابتعدت أكثر، ولن تلحق بها وأنت تطاردها.
سأل الشاب:
إذًا ماذا أفعل بدلًا من ذلك؟
أجابه الحكيم:
اطلب القوة.
صُدم الشاب وقال:
القوة؟ هذا يبدو أمرًا خاطئًا.
ابتسم العجوز وقال:
تظن أنني أقصد السيطرة على الآخرين، لكن هذا ليس ما أعنيه. النار مثلًا قادرة على الحرق، لكنها أيضًا تمنح الدفء وتُستخدم في الطهي. النتيجة تعتمد على من يستخدمها. السعي وراء القوة لا يعني التحكم بالآخرين، بل تقوية نفسك. القوة هي ما يمكنك من تجاوز العقبات التي تعترض طريقك، وكيفية استخدامك لها تعتمد عليك وحدك.
سأل الشاب:
وكيف ستجعلني القوة سعيدًا؟
قال الحكيم:
ما آخر هدف كبير وضعته لنفسك؟
قال الشاب:
الصعود إلى هذا الجبل والعثور عليك.
سأله الحكيم:
كيف شعرت أثناء تسلقك الجبل؟
قال الشاب:
كان الأمر مؤلمًا جدًا، لكن مع كل خطوة كنت أشعر بحماس أكبر، لأني أقترب من هدفي.
قال الحكيم:
وكيف شعرت عندما وصلت إلى القمة؟
قال الشاب:
سعيد.
قال العجوز:
هذا هو جوهر السعادة. السعادة هي الشعور بتجاوز المقاومة. مع كل خطوة صعدتها، كنت تتغلب على صعوبة. وبعد أن وصلت، ماذا حدث؟
قال الشاب:
ظهر هدف جديد، أردت أن أسألك عن السعادة.
قال الحكيم:
وكيف ستشعر إن لم أجبك؟
قال الشاب:
سأشعر بإحباط شديد.
قال الحكيم:
وكيف ستشعر إن أجبتك؟
قال الشاب:
سأشعر بسعادة كبيرة.
قال الحكيم:
هل ترى الدورة؟ تضع هدفًا، ويأتي معه تحدٍ. إن تغلبت عليه شعرت بالسعادة، وإن غلبك شعرت بالإحباط. وعندما تنتهي من هدف، تضع هدفًا جديدًا بتحدٍ جديد. هذه الدورة لا تنتهي، إنها الحياة. لذلك، إن أردت السعادة، فاطلب القوة، لأن القوة هي التي تمكّنك من تجاوز المقاومة، وكلما زادت قدرتك على تجاوزها زادت سعادتك.
قال الشاب:
وكيف أزيد قوتي؟
قال الحكيم:
الآن بعد أن تسلقت جبلًا واحدًا، هل تعتقد أنك تستطيع تسلق جبل آخر بسهولة أكبر؟
قال الشاب:
نعم، بل أستطيع تسلق جبل أكبر.
قال الحكيم:
إذًا أنت الآن أقوى مما كنت عليه. لقد فعلت ذلك بتحدي نفسك. هذا هو الطريق. ضع أهدافًا تتحداك جسديًا، عقليًا، روحيًا، واجتماعيًا. ابدأ بتحديات صغيرة، ومع كل نجاح، ارفع مستوى التحدي قليلًا. التحدي المستمر يبني القوة، والقوة تجلب السعادة.
نزل الشاب من الجبل وقد تغيّرت نظرته للحياة. أدرك أن السعادة ليست محطة يصل إليها، بل هي الرحلة نفسها، بما تحمله من صراعات وانتصارات صغيرة. بدأ بوضع أهداف بسيطة، وواجهها بإصرار وشجاعة. ومع كل تحدٍ يتغلب عليه، شعر بقوة جديدة تنبع من داخله، وبفرح لا يشبه أي إحساس آخر.
ومع مرور الوقت، لم يعد يبحث عن السعادة كغاية مستقلة، بل عاش مدركًا أن مقاومة الحياة ليست عدوًا، بل هي ما يمنحها المعنى. وكلما واجه صعوبة، تذكر كلمات الحكيم: السعادة هي التغلب على المقاومة، والقوة هي الطريق إليها.
في الحياة، السعادة ليست كنزًا ثابتًا نصل إليه ونحتفظ به للأبد، بل هي نهر متجدد يتغير باستمرار. السبب الحقيقي لمعاناة الناس هو اعتقادهم أن السعادة حالة دائمة، بينما هي في الحقيقة رحلة مليئة بالتحديات والانتصارات العابرة.
السعادة تولد عندما نتغلب على مقاومة تقف في طريقنا. ولهذا السبب تتلاشى سريعًا بعد تحقيق الأهداف، لأن التحدي الذي كان يحفزنا يختفي. لذلك، لا تسعَ خلف السعادة مباشرة، بل اسعَ إلى بناء القوة.
القوة، سواء كانت جسدية أو عقلية أو روحية، تمنحك القدرة على تجاوز العقبات. وكلما تغلبت على تحدٍ جديد، زارتك السعادة. أما الضعف والعجز، فهما أقصر الطرق إلى الإحباط واليأس.
السعادة ليست في الراحة ولا في الاستسلام، بل في التحدي والنمو والعمل من أجل شيء ذي قيمة. كل عقبة فرصة، وكل تحدٍ مصدر معنى. الحياة سلسلة من التحديات، وإذا توقفنا عن مواجهتها توقفنا عن النمو، وإذا توقفنا عن النمو فقدنا المعنى الحقيقي للحياة.
السعادة ليست في الوصول، بل في الطريق نفسه. إنها انعكاس للقوة التي نبنيها داخل أنفسنا، وكلما أصبحت أقوى، أصبحت أكثر قدرة على تجاوز العقبات، وأكثر قربًا من السعادة.
