قصة الحاكم الحامل
في إحدى هذه الأيّام من قديم الزّمان..
مملكة بها حاكم غير عادل ، سيفه بتّار لكلّ من يقف في طريقه، و في يوم من الأيام قد صابهُ مرض غريب ، كيف سيجرؤ الأطباء على مداواته و هل سينجو من مرضه أم لا.. تابعوا معنا حتى النّهاية لنعلم تفاصيل قصّتنا اليوم
في يومٍ من الأيّام التي مرّت على مملكة يحكمها حاكمٌ كان يظن أنّ حكمهُ بالبشر عادل و لكن كان يغيب عن ذهنهِ أنه لم يفلت منه أي أحد كان قد وقف ليعترض على حكمه إلّا و قد نُفّذ عليه حكمُ الإعدام ، و بطرق شتّى ..
جميع من كان يعرفه، كان يعلم أن تصرّفاته سيّئة و لكن لم يستطع أحد أن يوقفه أو يقف بوجهه و إلّا سيكون مصيره الموت لا محال.
و بعد مضي فترة وجيزة على حكمهِ ، استيقظ هذا الحاكم و رأسه تؤلمه للغاية، حاول أن يعثر على دواء ليوقف هذا الألم لكن دون أي إفادة تُذكَر.
فقرر استدعاء أحد الأطباء الموجودين في المملكة،عسى يسعفهُ بدواءٍ لعلتهِ….. عندما تم استدعاء أحد أطباء المملكة عَلِمَ هذا الطّبيب من فورهِ أنّه إن لم يعثر على دواء شافي للحاكم فسوف يلقى مصيره حتماً ، فقرّر الهروب من الحرّاس الذين جاؤوا إليه بالاستدعاء الرّسمي من الحاكم .. و قال لهم سوف أحضّر معدّاتي لكي أتفحّص الحاكم بها و أعلم سبب وجعه.
صدّقوه الحرّاس و ذهبوا إلى الحاكم و قالوا له أنّ الطبيب لن يُطيلَ الغياب، فإنّ هذا الطّبيب مشهور ببراعته و يُحبّ أن تكون معدّاته جاهزة لجميع الحالات المرضيّة التي يواجهها..
فـغضب الحاكم و أمر باعدام الحرّاس لعدم إحضارهِ معهم لكنهُ أبقى على حارس واحد و وعده أنه سينفّذ حكم الإعدام عليه إن لم يحضر الطّبيب إليه حالاً..
انتظر بعدها ساعتين لكن الطبيب لم يحضر، فنفّذ حكم الإعدام على الحارس الأخير و هو متأكّد أن حكمه عليهم حلال لا خلل فيه ، و بعدها أمر حرّاس آخرون بأن يستدعوا الطّبيب ذاته أو أي طبيب آخر لكي يحضر إليه لأنّ وجع رأسه بات ينهيه..
و بالفعل ذهبوا الحرّاس ليروا أين الطّبيب و لماذا تأخّر، لكنّهم صُعِقوا بهروبه، لكن ما العمل؟
عليهم أن يأتوا بطبيب آخر للحاكم، فاستدعوا طبيب آخر و ظلّوا ينتظروه لينتهي من إلتزاماته و يأتي معهم إلى الحاكم
ذهب الطبيب و علم أنه إن فشل في امتحانه مع الحاكم فسوف يموت، و بالفعل فحص الحاكم لكنّه لم يعلم ما سبب ألم الرّأس و حاول اعطائهُ عشبة لعلّها تهدّئ من روعه لكنّها و للأسف لم تفعل ذلك، فغضب الحاكم و أمر بإعدام الطّبيب أيضاً.
و بدأ يصرخ و يأمر الحرّاس بجلب طبيب آخر و إلّا سيعدم حاشيته كاملة.. اصيب الحرّاس بالخوف الشديد الذي دفعهم لإحضار جميع الأطبّاء الموجودين في المملكة، لكن معظمهم لَقِيوا ذات المصير الذي ناله الطّبيب الثّاني،
و لكن من ضمن الموجودين كان هناك طبيب عبقري في مجاله، و يعلم بداخله أنّه سيموت إن لم يُهدِّأ من صداع الحاكم ، و عندما جاء دوره بالكشف عن الحاكم كان متّزن و لم يُظهِر خَوفهُ لأي شخص ..
و بعد انتهائه من فحص الحاكم ، صمت قليلاً ثم استجمع قواه قائلاً للحاكم ، لقد عَلمتُ لماذا يؤلمكَ رأسك جلالة الحاكم ، لكنّني لا أجرؤ على الإفصاح بشيء قبل أن تعطيني الأمان بألّا تقضي عليّ.. و من فرط ألم الحاكم قال له حسناً فقد أنهكني الألم لن أقتلك ، قل لي ما الأمر؟؟
أجابه الطّبيب : يا سيّدي المعذرة و ليس بيدي شيء و إنّ الله على كلّ شيءٍ قدير لكنّك حامل.. و ألم رأسك من أعراض حملك، و هذا طبيعي جداً..
فقام الحاكم من سريره و قال للطّبيب هل أنت تعي ما تقوله.. هل تعلم ماذا سأفعل بك !! قال الطّبيب يا سيّدي إنّك أعطيتني الأمان و الحاكم لا يرجع عن قراره.. فهدأ الملك و قال له و أنا أتسائل لماذا بطني يكبر و يزداد حجماً في كل يومٍ أنظر بها إلى نفسي في المرآة..
ثم عاد إلى وعيه و أكمل مع الطّبيب و قال: حسناً سنُبقي الأمر سرّاً بيننا إلى أن ألِد اتّفقنا ؟ قال له الطّبيب حسناً و سأعتني بحضرتكَ إلى ذلك الوقت ..
و بالفعل ذهب الطّبيب إلى أُسرتهِ و قلبه يكاد يقف من خوفه لكنّه يعلم أنّ موعده مع الحاكم قريب.. و لم تنتهِ قصّتهُ بعد..
فبعد مضي اسبوعين ذهب الطّبيب إلى الحاكم ليطمئِنّ عليه، فوجده يجلس بكل هدوء و سعادة و قد ظهر عليه أنّ أموره كلّها بخير، قال له تفضّل بالجلوس أُريد أن استشيركَ ببعض الأمور فإنّني لا أعلم ماذا تفعل الحوامل و كيف أعتني بنفسي ، اقترب الطّبيب منه و فحصه و قال له ، أيّها الحاكم أريد إخبارك بشيءٍ مهم، لكن عليك أيضاً أن تُعطيني الأمان و إلّا لن أقول شيئاً ، فمن شدّة سعادة الحاكم بأن هذا الطّبيب لم يفضح أمر الحاكم أمام المملكة أعطاه الأمان و لن يتردّد ابداَ.
فسأله الطّبيب هل ما زال رأسكَ يُؤلِمُكَ يا سيّدي ؟
فوضعَ الحاكم يده على رأسه و قال لا، لم أعد أشعر بأيّ وجع بعد ذلك اليوم.. لماذا تسأل؟
فقال الطبيب معترفاً بخدعته.. لقد أنسيتك رأسك و أبقيت اهتمامكَ ببطنكَ التي توهّمتَ في المرّة الماضية أنّها كبيرة بسبب الحمل، و أنت لستَ حامل، و رأسكَ توهمك بوجعها.. و الحمدلله على سلامتك
..ابتسمَ الحاكمُ و قام بتقديم جائزة قيّمة للطّبيب على حُسنِ إدارتهِ للمشكلة و تقديم حلّ مناسب لها..
و إلى هُنا تكون قد انتهت قصّتنا و لكن هل عَلِمَ أحدكم ما العِبرة؟؟
العِبرة الأولى كانت بعدم هروبِنا من العثرات و المشاكل التي قد تواجِهُنا و أنّ الهروب و الخوف هما ليسا الحلّ الأمثل لما نَمُر به في حياتنا فمِن الواجب التّفكير بحِنكة و ذكاء لنستطيع مجابهة كلّ الصّعاب..
أمّا العبرة الثّانية و كما نقول في العاميّة : الوهم قتل صاحبه!!
و هذا يعني أنّ توهّمكَ لأشياء قد لا تكون بك ممكن أن يجعل الخوف قاتل متربص بك، يُسيطر عليك و من الواجب الوعي و التّصرّف بحكمة في هذه المواقف و الإبتعاد عن الوهم الذي قد يسوقنا إلى الهاوية..
و أنتم أعزّائي هل أعجبتكم القصّة و الحكمة؟؟
اتمنّى أن تكونوا قد استفدتم منها..
إلى اللقاء في قصّة أُخرى مليئة بالحكمة و العِبرة..
