هل تساءلت يوماً من أين يأتي النور الحقيقي؟ في قصتنا المميزة والجديدة سوف نرافق الفتى الفضولي ليث في مغامرته وهو يحاول إنقاذ القمر ذو النور الخافت.
لكل عشاق قصص الأطفال قبل النوم التي تجمع بين الخيال العميق والدرس الهادف، نروي أحداث هذه الرحلة ونكتشف كيف يمكن لنقاء القلوب الصغيرة أن يضيء العالم.
لنستمتع بهذه الحكاية الخيالية الرائعة ونتعلم ثلاث قيم أخلاقية أساسية وهي العطاء، الاعتذار، والمشاركة.
قصة ليث وضوء القمر الخافت
في قرية صغيرة بين التلال الخضراء كان يعيش فتى اسمه ليث، وكان طفلًا فضوليًّا يحب أن يعرف عن كل شيء يراه، وقد كان والده يشجعه دائمًا ويقول له: «السؤال مفتاح المعرفة يا ولدي، ومن يسأل لا يضيع».
كان ليث يحب أن يخرج كل مساء ويجلس على التلة القريبة من بيته، وقد اعتاد أن ينظر إلى نور القمر الكبير وكأنه صديق حميم يتبادل معه الابتسامات كل ليلة.
بداية الحكاية
في إحدى الليالي الهادئة، خرج ليث وهو يحمل كشافه الصغير وكتابه المفضل عن النجوم، صعد التلة لكن تلك الليلة لم تكن مثل غيرها، فبينما كان يتأمل السماء الواسعة لاحظ أن ضوء القمر أصبح خافتًا وكأنه حزين!
اقترب ليث من حافة التلة، وفجأة رأى خيطًا من النور يسقط من القمر نحو الأرض لكنه لم يصل إليها،
بل توقف في منتصف السماء وكأن أحدًا يمسك به.
وفجأة سمع صوتًا لطيفًا يقول: «مرحبًا يا ليث، لا تخف، فأنا القمر وأحتاج إلى مساعدتك».
لم يصدق ليث عينيه وقال في دهشة: «مساعدتي أنا؟ لكنني مجرد طفل صغير!»
ابتسم القمر وقال: «أحيانًا يا صديقي لا يحتاج العالم إلى قوة الأجساد بل إلى نقاء القلوب، لقد خَفَتَ نوري لأن الناس في قريتك أصبحوا أنانيين ونسوا قيمة التعاون، وبدأ كل واحد يعيش لنفسه فقط، وإن أردت مساعدتي، ابحث عن ثلاثة قلوب صادقة: قلب يمنح، وقلب يعتذر، وقلب يتشارك، وحين تجمعها معًا سوف أُنير السماء من جديد».
قصة رحلة البحث عن القلوب الثلاثة
فكر ليث قليلًا ثم قال بحماس: «أعدك يا قمر أني سأفعل ما بوسعي!»
القلب الذي يمنح
نزل ليث من التلة وبدأ رحلته في أنحاء القرية الصغيرة وهو لا يعرف من أين يبدأ البحث، وبينما هو يسير في الطريق، مرَّ على امرأة عجوز تجلس بجانب الطريق وهي تبكي؛ فقد سقطت سلتها المليئة بالفواكه وتبعثرت في التراب.
اقترب ليث من المرأة دون تردد، وبدأ يجمع الفاكهة واحدة تلو الأخرى، يمسح عنها الغبار ثم يعيدها إلى السلة بكل حب ومودة.
رفعت العجوز رأسها وقالت: «شكرًا لك يا بني، لقد فعلت ما لم يفعله أحد غيرك!»
ابتسم ليث وقال بخجل: «هذا أقل ما يمكن أن أفعله يا جدتي».
عندها رأى ليث أن قطعة صغيرة من النور نزلت من السماء، فعرف أنه صاحب القلب الذي يمنح.
القلب الذي يعتذر
تحمس ليث وتابع طريقه إلى أن وصل إلى ساحة صغيرة، فوجد فيها صديقين في مثل عمره وهما يتشاجران بسبب لعبة خشبية مكسورة.
اقترب منهما وقال: «لماذا تتخاصمان من أجل لعبة؟ ألا تعلمان أن الصداقة أهم من كل الأشياء؟»
لم يهتما في البداية، لكن ليث أصر عليهما وروى لهما حكاية القمر الذي فقد نوره لأن الناس نسوا التسامح، فهدأ الصديقان قليلاً، ثم قال أحدهما للآخر: «آسف يا صديقي، لقد كنت غاضبًا فقط، وأنا لم أقصد أن أجرحك».
ورد الآخر: «لا بأس يا صديقي أنا أيضًا آسف».
تصافح الصديقان وعادا للعب معًا، فشعر ليث بنور دافئ يملأ صدره، فعرف أنه وجد القلب الثاني الذي يعتذر.
القلب الذي يتشارك
أكمل ليث طريقه إلى أن سمع أصوات أطفال يلعبون، لكن كل واحد منهم كان يحتفظ بلعبته ولا يسمح لأحد بلمسها، فاقترب منهم وقال بابتسامة: «ما رأيكم أن نصنع معًا مسرحًا صغيرًا من ألعابنا؟ كل واحد يقدّم لعبته لتصبح جزءًا من المسرحية، ستكون أجمل لعبة لو تشاركناها معًا!»
تردد الأطفال في البداية ولكن أحدهم صاح وقال: «فكرة جميلة! سوف تكون دميتي البطلة!»
بدأ الجميع في وضع لعبته، وسرعان ما امتلأت الساحة ضحكًا وفرحًا، وظهر في قلب ليث نور جديد.
لقد وجد القلوب التي تتشارك.
عودة الضوء إلى القمر
عاد ليث إلى التلة من جديد وهو يشعر بالفخر والسعادة، ورفع يديه نحو السماء وقال: «يا صديقي القمر، لقد وجدت القلوب الثلاثة!»
عندها لمع القمر بقوة لم يسبق لها مثيل، وانتشرت خيوط النور في السماء والقرية كلها، فرأى ليث بيوت الناس وهي تضيء من الداخل، والعجوز تضحك، والصديقين يلعبان، والأطفال يشاركون ألعابهم.
سمع صوت القمر يقول: «أحسنت يا ليث، لقد علمت الناس أن النور الحقيقي لا يأتي من السماء فقط،
بل من القلوب التي تعرف معنى العطاء والمسامحة والمشاركة».
ثم أضاف بلطف: «اذهب الآن إلى بيتك يا صغيري، فقد حان وقت النوم، واحفظ في قلبك هذا الدرس إلى الأبد».
درس قبل النوم
عاد ليث إلى منزله وعلى وجهه ابتسامة مطمئنة، صعد إلى سريره بهدوء، وقد كانت الغرفة مضاءة بنور القمر الناعم، فقال في نفسه: «سأظل دائمًا أساعد، وأعتذر، وأشارك، لأن القمر لن يضيء وحده، بل يحتاج إلى نور قلوبنا جميعًا».
أغمض ليث عينيه وغفا على صوت الريح الناعمة وهي تهمس: «النور دائما في قلبك يا ليث، ما دمت تصنع الخير».
خلاصة القصة
استيقظ ليث في الصباح وهو يشعر بسعادة عارمة، خرج من بيته فوجد القرية أكثر إشراقًا وودًّا من قبل، وكان الجميع يتبادلون التحية والابتسامات، فعرف في تلك اللحظة أن ما فعله لم يكن حلمًا، بل كان حقيقة تركت أثرًا في كل القلوب.
وهكذا يا صغيري، تذكّر دائمًا أن النور لا يأتي من القمر فقط، بل من القلب الذي يمنح، ويعتذر، ويتشارك.